
استغلّت حملة «جنسيتي حقّ لي ولأسرتي» النشاط السياسي الذي يسبق الانتخابات النيابية، المُقرّرة بعد سبعة أشهر. فأودعت المجلس النيابي اقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل قانون الجنسية، ومنح المرأة حق إعطاء الجنسية لأولادها، أسوةً بالرجل. والآن، ستترقّب من سيصوّت له ومن سيصوّت ضدّه، وعلى هذا الأساس، ستُشجّع الناخبات على الاقتراع لمن «يعملون على إزالة التمييز ضدّهن»، كما قالت مديرة الحملة كريمة شبو في مؤتمر صحافي أمس في نقابة الصحافة.
وخلاله، «لطشت» المناضلة الحقوقية إقبال دوغان المٌشرِّعات اللواتي «لم يحضر منهن غير النائبة سينتيا زرازير، والتي تبنّت إيصال اقتراح القانون إلى المجلس، فيما لم تقف أيّ نائبة أخرى إلى جانب النساء في معركتهن الحقوقية».
ويأتي اقتراح القانون بعد سلسلة اقتراحات مماثلة تقدّمها الحملة منذ 22 عاماً، وجميعها تمكث في أدراج اللجان النيابية «حتى صرنا نشعر أن هذه اللجان هي مقبرة لمطالبنا»، على حدّ قول شبو.
على أن «المناورة» الجديدة للحملة تقوم على اختصار اقتراح القانون في مادة واحدة تنصّ على «تعديل البند الأول من المادة الأولى من قانون الجنسية الصادر في عام 1925، لتصبح على الشكل الآتي: تُمنح الجنسية لـ«كل شخص مولود من أب لبناني أو أمّ لبنانية».
وأضافت الحملة على اقتراحها صفة «العجلة»، على أنه «ليس هناك من أمر طارئ أكثر من رفع الظلم عن النساء وأولادهن». وهي تعوّل على توصية رئيسَي الجمهورية جوزيف عون والحكومة نواف سلام لمجلس النواب بالبتّ السريع في القوانين المعجّلة المكرّرة، لتزيد، برأي الحملة، «حظوظ إقرار القانون»، إلى جانب التوقيت الذي تراه «فرصة في حمأة الحملات الانتخابية».
ورداً على تحجّج السياسيين بالمخاوف من «الزيجات البيضاء» (الزيجات الصورية)، التي تؤدّي إلى المتاجرة بالهوية اللبنانية، تجيب شبو: «ضعوا الشروط التي تجدونها مناسبة شرط أن تسري على النساء والرجال بشكل عادل»، علماً أن السبب الحقيقي وراء حرمان النساء من حق إعطاء الجنسية لأولادهن هو التوازنات الطائفية التي يرى المعارضون أنها «ستختلّ» بفعل الزيجات المختلطة مع الفلسطينيين وأخيراً السوريين. وبالنسبة إلى بعض المعنيين، فإن هذه الأسباب «ذكورية أكثر منها سياسية»، على اعتبار أن «فوبيا» تجنيس الفلسطينيين والسوريين ترتبط بالنساء، وليس بالرجال الذين لا يعارض القانون زواجهم بفلسطينية ولا بسورية.
يتخوّف المعارضون من اختلال التوازنات الطائفية بسبب
الزيجات المختلطة بفلسطينيين وسوريين
وبعدما منحت غالبية الدول العربية النساء حق إعطاء الجنسية لأولادهن، لا تزال المرأة اللبنانية تُدفّع «ضريبة» على زواجها بأجنبي، وتُنتَهك حقوق أولادها في التعليم الرسمي والاستشفاء والعمل، وليس فقط في المهن التي تشترط الانتساب إلى نقابة. وهي في هذا السياق، اشتكت سيدة لبنانية متزوجة بأجنبي في المؤتمر من «مرور سنتين على محاولة الحصول على إذن مزاولة مهنة لابنتها في تخصّص التغذية».
هذا الخنق يُهدّد استقرار عائلات ويدفع بهجرة أبنائها إلى بلدان تحترم حقوقهم. فتنقل سيدة أخرى، مثلاً، عن ابنها الذي سافر ليتعلّم في الخارج إصراره على عدم العودة «قبل أن يحصل على الجنسية». وفي السياق نفسه، اعتلت نور، ابنة سيدة لبنانية وأب أجنبي، المنبر، وألقت كلمة عاتبت فيها الدولة التي «كبرتُ على أرضها، ودرستُ وتخرّجت وعملت وسدّدت الضرائب المتوجّبة عليّ مثل أي مواطن، وورثت لغتها، وصلة الدم من أمي، وما زالت تصرّ على أن تعاملني كغريبة».